السـؤال:
هل طوافُ الإفاضة يتحلَّل به الحاج التحلُّل الأكبر، أم يلزمه نسكٌ آخرُ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالذي اتفق عليه جمهورُ العلماء أنَّ على المُحْرِمِ تَحَلُّلَين:
- التحلُّل الأَوَّل: هو أن يُباح للمحرِم جميعُ ما حَظُر عليه بالإحرام إلاَّ النِّساء وما يتعلَّق بهنَّ من الوطءِ والقُبلة واللمس بشهوةٍ، والمباشرةِ دون الفرج، وسائرِ حالات الاستمتاعِ بهنَّ(١- عند المالكية يحصل برمي جمرة العقبة فيحل له كل شيء إلاّ النساء والصيد والطيب. [«التفريع» لابن الجلاب: (1/346)])، ففي الحديث قولُه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ فِيهِ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الجَمْرَةَ أَنْ تُحِلُّوا مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلاَّ النِّسَاء»(٢- أخرجه أبو داود في «المناسك»، باب الإفاضة في الحج: (1999)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (2958)، وأحمد في «مسنده»: (25991)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (9689)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها، والحديث صححه النووي في «المجموع»: (8/234)، والألباني في «صحيح الجامع»: (2258). وفي «مناسك الحج»: (34).).
وهذا التحلُّلُ إنما يحصل برمي جمرةِ العقبة على الأصحِّ -كما فصَّلته في فتوى سابقة- (٣- الفتوى رقم: (699)، بعنوان: «في رجوع الحاج بعد التحلُّل الأصغر محرمًا إذا أمسى ولم يطف».)، وهو مذهبُ مالكٍ، وروايةٌ عن أحمدَ وغيرِه، ويحصل التحلُّل الأوَّلُ عند غيرهم بالرمي والحلق أو الرمي والطواف، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، ولا يخفى أنَّ التحلُّلَ الأولَ بضمِّ شيئين من ثلاثة أنه لا خلاف في حصوله عند الجميع؛ لأنَّ مَن قال بأنه يحصل بالرمي بمفرده أو بالحلق لوحده فمن بابٍ أَوْلَى أن يحصل بالرمي والحلق.
- والتحلل الثاني: أن يصير المُحْرِمُ حلالاً من جميعِ محظورات الإحرام مُطلقًا من غير استثناء، ويحصل هذا التحلُّلُ بما بقي له من نُسُكٍ، فإن تحلَّل بالرمي والحلق في التحلُّل الأصغر، فإنَّ التحلل الأكبر يحصل بطواف الإفاضة(٤- ويسمى بطواف الزيارة وطواف الفرض وطواف النساء يبحن بعده.).
ويكتفي القَارِنُ والمُفْرِدُ بطواف الإفاضة إذا سَعَى مع طواف القُدوم، فإن لم يسعَ في قدومه وجب عليه السعي لتحلُّله الأكبر، وكذا المتمتِّع الذي يسعى سَعْيَيْنِ لقدومه وللإفاضة.
هذا، ويسع المحرم أن يتحلَّل التحلُّل الأصغر والأكبر في اليوم العاشر، أي: يوم عيد الأضحى، قال ابن حزم: «واتفقوا على أنَّ مَن طاف طوافَ الإفاضةِ يومَ النَّحْرِ أو بعدَه، وكان قد أكمل مناسكَ حَجِّه، ورمى، فقد حل له الصيدُ والنساءُ، والطِّيبُ والمخيطُ، والنكاح والإنكاحُ، وكلُّ ما كان امتنع بالإحرام»(٥- «مراتب الإجماع» لابن حزم: (45).).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 27 المحرم 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 04/02/2008م
--------------------------------------------------------------------------------
١- عند المالكية يحصل برمي جمرة العقبة فيحل له كل شيء إلاّ النساء والصيد والطيب. [«التفريع» لابن الجلاب: (1/346)].
٢- أخرجه أبو داود في «المناسك»، باب الإفاضة في الحج: (1999)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (2958)، وأحمد في «مسنده»: (25991)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (9689)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها، والحديث صححه النووي في «المجموع»: (8/234)، والألباني في «صحيح الجامع»: (2258). وفي «مناسك الحج»: (34).
٣- الفتوى رقم: (699)، بعنوان: «في رجوع الحاج بعد التحلُّل الأصغر محرمًا إذا أمسى ولم يطف».
٤- ويسمى بطواف الزيارة وطواف الفرض وطواف النساء يبحن بعده.
٥- «مراتب الإجماع» لابن حزم: (45).
من موقع:http://www.ferkous.com/rep/Bh39.php