السـؤال:
هل في الخضروات مثل البطاطا والفلفل زكاة؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فليس في البطاطا والفُلْفُل ونحوِهما زكاةٌ سواءً عند من قال: لا زكاةَ إلاَّ في الأصناف الأربعة من الزُّرُوع والثمارِ وهي: الحِنْطَةُ والشعيرُ والتَّمرُ والزبيبُ فقط، ولا شيءَ فيما عداها، وهو مذهبُ كثيرٍ من السلف وروايةٌ عن أحمدَ، واختاره ابنُ حَزْمٍ والشوكانيُّ وغيرُهم، كما ليس فيها زكاةٌ على مَنْ قال: إنَّ الزكاةَ في كُلِّ ما يُقْتَاتُ ويُدَّخَرُ، وهو مذهبُ مالكٍ والشافعيِّ، ولا على مذهب مَنْ قال: إنَّ الزَّكاةَ في كلِّ ما يَيْـبَسُ ويبقى وَيُكَالُ، وهو قولُ أحمدَ في أشهر الروايات عنه، وإنما أوجب الزكاةَ فيها مَنْ قال: إنَّ الزكاةَ تجب في كلِّ ما أخرجتِ الأرضُ ممَّا يزرعُهُ الآدميُّ، وهو مذهبُ أبي حنيفةَ وداودَ الظاهريِّ، والصحيحُ المذهبُ الأوّل، لحديث أبي موسى ومعاذٍ رضي الله عنهما حين بعثهما رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم إلى اليمن يُعلِّمان الناسَ أَمْرَ دِينِهم: «لاَ تَأْخُذُوا الصَّدَقَةَ إِلاَّ مِنْ هذِهِ الأَرْبَعةِ: الشَّعيرِ والحِنْطَةِ والزَّبيبِ وَالتَّمْرِ»(١- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (1492)، والدرقطني في «سننه»: (1893)، من حديث أبي بردة رضي الله عنه. وصحَّحه الألباني في «الإرواء»: (801)، وفي «السلسلة الصحيحة»: (2/540)) وهي مُجْمَعٌ عليها، قد خصَّها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّمَ وأَعْرَضَ عَمَّا سِواها، وقد كان يعلم أنَّ للناس أقواتًا وأموالاً مما تُخْرِجُ الأرضُ سِواها، فكان تركُه ذلك وإعراضُه عنه عفوًا منه كعفوه عن صدقة الخيل والرقيق. وغايةُ ما يستدِلُّ به مَنْ أَوْجَبَ الزكاةَ فيها -وهو مذهبُ أبي حنيفةَ- بنصوصٍ عامَّةٍ، ولا يخفَى أنَّ الخاصَّ قاضٍ على العامِّ في محلِّ التعارُضِ كما هو مُقرَّرٌ في القواعدِ، ومع ذلك فله أن يُخْرِج الزكاةَ المطلقةَ أي: الصدقةَ غيرَ الواجبةِ ولا مقيّدة بِزَمَنٍ أو كمِّيةٍ، ويخرجُ منها بما تطيبُ نفسُ صاحبِها لعموم النصوص الآمرة بالإنفاق كقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا»(٢- أخرجه البخاري في «الزكاة» باب قولِ الله: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى﴾: (1374)، ومسلم في «الزكاة» باب في المنفق والممسك: (2336)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
كما يلزمه إخراجُ الزكاة من مداخيل الخضروات المباعة بشرطها سواء كانت مالاً أصليًّا أو مستفادًا.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في 25 من ذي القعدة 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 16 ديسمبر 2006م.
منقول من موقع: http://www.ferkous.com/rep/Bf14.php [center]